- طريقة جدلية :
المقدمة: لاتختلف إذا عرفنا المنطق على أنه نظرية الشروط التي يجب أن تتوفر للاستدلال الصحيح,وأهم ما في الاستدلال وبالأخص الغير مباشر هو نظرية القياس وهي عملية عقلية ننتقل بها من الاعتقاد بأكثر من قضيتين (مقدمتين) إلى الاعتقاد بجملة أخرى (النتيجة) يكون صدقها إما مضمونا إذا كان الاستنتاج سليم أو على الأول محتملا بفضل صدق المقدمات ,لكن ما هو مثار للجدل في هدا الموضوع هو القيمة الإبداعية للقياس مبدع أم أنه تحصيل حاصل؟
التحليل:
- الأطروحة الأولى:لا تتردد في القول أن الكل أعظم من الجزء لكن هناك مسائل كثيرة نصادفها ولا ندري أول الأمر أي حكم نتخذه بشأنها (و نعني بالمسألة عبارة مؤلفة من موضوع ومحمول حيث تقتضي الإجابة إضافة المحمول إلى الموضوع أو بنفيه عنه و من هنا تتجلى أهمية وقيمة القياس الأرسطي بحكم أنه تأليف للمعارف باستنتاج سليم لأجل تحصيل العقل من الوقوع في التناقض وفي الخلط المعرفي كقولنا:( كل فيلسوف منطقي .أرسطو فيلسوف .أرسطو منطقي) فنلاحظ أن القياس حركة متصلة من طرف إلى أخر و اتصالها ببعضها و حدتها وهو استدلال صحيح مترابط الأطراف و بفضل هذا الترابط تمكن من السيطرة على كلّ أوجه التّفكيرالبنائي لحقبة زمنية طويلة (منذ ظهوره على يد أرسطو إلى العصور الوسطى )حيث كان الفكر قياسيا بأتم معنى الكلمة . وما ساعده على هذا الازدهار كذلك هو صورته البرهانية طالما أن البرهنة هي تبيان علّة النتيجة بحيث لو سئلنا مثلا لما قلنا: كل كريم هو صالح أجبنا لأنّ كل عالم هو صالح, وكل كريم هو عالم, فالحدود هنا مثلا جمة و مترابطة ببعضها البعض والنتيجة لازمة عنهما لها قوة البرهنة ونظرا لهذه القيمة البرهانية فقد بهرإعجاب العلماء المسلمين و كان أحد أهم ركائز التّشريع عندهم (كلّ مسكر حرام. الخمر مسكر. الخمر حرام).
- نقد الأطروحة :لكن أهم ما يدفعنا للإستقصاء أكثر عن القيمة الجوهرية للقياس هو سؤالنا هل يحمل القياس نتيجة جديدة أم أنّه مجرد تكرار لما ورد في المقدّمتين هو قولنا مثلا "كل النّاس مائتون, وسقراط إنسان . إذن سقراط مائت " يعبّر عن حقيقة جديدة ؟
- نقيض الأطروحة :نلاحظ من خلال هذا القياس أنّه لا يحمل نتيجة جديدة بل هو تكرار فقط للمقدمة الكبرى, فالمقدمة الكلية الكبرى لا تصدق إلّا إذا كانت النتيجة معلومة من قبل أي أن القائل لا يقولها إلا إذا كان يعلم أنّ سقراط مائت و بالتالي لا تكون هناك حاجة لتركيب قياس. وإذا ركبنا قياس فنكون قد ارتكبنا مصادرة عن الموضوع لأنّ المطلوب هو معرفة ما إذا كان سقراط مائت ومعرفة أنّه مائت تتضمّنها المقدّمة الكبرى الشّيء لقولنا :"كلّ إنسان فان, محمد فان, محمد فان" فالنتيجة محمد فان متضمنة في المقدّمة الكبرى (أي بعد أن حكمنا على كلّ فرد من أفراد الإنسان بالفناء) إذن لا يحمل جديد وهو مجرد تكرار لما ذكر في المقدّمتين وهو الموقف الذي تبناه من جون شوارت ميل و ديكارت وابن تيمية حيث اعتبروا القياس تحصيل حاصل يؤدي بالفكر إلى الجمود و العقم ولا يساعد على اكتشاف معارف جديدة وهو غير صالح لكي يكون أداة صالحة للبحث إلّا إذا مدنا بنتائج يختلف معناها ومضمونها عن المعارف المتضمنة في المقدّمات .
- نقد :لكن هذا الرأي يظن أنّه يهدم القياس الأرسطي ورغم وجاهته من عدة جوانب, فانّه لا يستطيع أن يتنكر للقيمة الإبداعية للقياس وهو أول محاولة للفكر التنظيري المنظم, وأول محاولة لتأسيس خطاب علمي متجاوزا لكل الخطابات العلمية التي سبقته, ولهذا يجب أن نرفض كل ما جاء به أرسطو لكن نحاول فقط تدارك مواطن النّقص على حدّ رأي غاشون باشلار, العلم هو تاريخ أزمات الماضي وهو في تطور مستمر يعمل على تصحيح أخطائه بنفسه لكي لا يقع فيها من جديد .
- الخاتمة :ولم يبق لنا في نهاية هذا المقال إلّا القول أنّ المنطق الأرسطي هو سابقة أولى من نوعها في تاريخ الفكر البشري, ولقد ساهم مساهمة فعالة في ميدان المنطق الصوري لاسيما نظرية القياس لأنها سبق صوري محض على جانب كبير من الصّرامة والتّرابط ذات بناء عقلي منسجم ومنظّم بالرّغم من الانتقادات العديدة التي يتعرّض لها .
المقدمة: لاتختلف إذا عرفنا المنطق على أنه نظرية الشروط التي يجب أن تتوفر للاستدلال الصحيح,وأهم ما في الاستدلال وبالأخص الغير مباشر هو نظرية القياس وهي عملية عقلية ننتقل بها من الاعتقاد بأكثر من قضيتين (مقدمتين) إلى الاعتقاد بجملة أخرى (النتيجة) يكون صدقها إما مضمونا إذا كان الاستنتاج سليم أو على الأول محتملا بفضل صدق المقدمات ,لكن ما هو مثار للجدل في هدا الموضوع هو القيمة الإبداعية للقياس مبدع أم أنه تحصيل حاصل؟
التحليل:
- الأطروحة الأولى:لا تتردد في القول أن الكل أعظم من الجزء لكن هناك مسائل كثيرة نصادفها ولا ندري أول الأمر أي حكم نتخذه بشأنها (و نعني بالمسألة عبارة مؤلفة من موضوع ومحمول حيث تقتضي الإجابة إضافة المحمول إلى الموضوع أو بنفيه عنه و من هنا تتجلى أهمية وقيمة القياس الأرسطي بحكم أنه تأليف للمعارف باستنتاج سليم لأجل تحصيل العقل من الوقوع في التناقض وفي الخلط المعرفي كقولنا:( كل فيلسوف منطقي .أرسطو فيلسوف .أرسطو منطقي) فنلاحظ أن القياس حركة متصلة من طرف إلى أخر و اتصالها ببعضها و حدتها وهو استدلال صحيح مترابط الأطراف و بفضل هذا الترابط تمكن من السيطرة على كلّ أوجه التّفكيرالبنائي لحقبة زمنية طويلة (منذ ظهوره على يد أرسطو إلى العصور الوسطى )حيث كان الفكر قياسيا بأتم معنى الكلمة . وما ساعده على هذا الازدهار كذلك هو صورته البرهانية طالما أن البرهنة هي تبيان علّة النتيجة بحيث لو سئلنا مثلا لما قلنا: كل كريم هو صالح أجبنا لأنّ كل عالم هو صالح, وكل كريم هو عالم, فالحدود هنا مثلا جمة و مترابطة ببعضها البعض والنتيجة لازمة عنهما لها قوة البرهنة ونظرا لهذه القيمة البرهانية فقد بهرإعجاب العلماء المسلمين و كان أحد أهم ركائز التّشريع عندهم (كلّ مسكر حرام. الخمر مسكر. الخمر حرام).
- نقد الأطروحة :لكن أهم ما يدفعنا للإستقصاء أكثر عن القيمة الجوهرية للقياس هو سؤالنا هل يحمل القياس نتيجة جديدة أم أنّه مجرد تكرار لما ورد في المقدّمتين هو قولنا مثلا "كل النّاس مائتون, وسقراط إنسان . إذن سقراط مائت " يعبّر عن حقيقة جديدة ؟
- نقيض الأطروحة :نلاحظ من خلال هذا القياس أنّه لا يحمل نتيجة جديدة بل هو تكرار فقط للمقدمة الكبرى, فالمقدمة الكلية الكبرى لا تصدق إلّا إذا كانت النتيجة معلومة من قبل أي أن القائل لا يقولها إلا إذا كان يعلم أنّ سقراط مائت و بالتالي لا تكون هناك حاجة لتركيب قياس. وإذا ركبنا قياس فنكون قد ارتكبنا مصادرة عن الموضوع لأنّ المطلوب هو معرفة ما إذا كان سقراط مائت ومعرفة أنّه مائت تتضمّنها المقدّمة الكبرى الشّيء لقولنا :"كلّ إنسان فان, محمد فان, محمد فان" فالنتيجة محمد فان متضمنة في المقدّمة الكبرى (أي بعد أن حكمنا على كلّ فرد من أفراد الإنسان بالفناء) إذن لا يحمل جديد وهو مجرد تكرار لما ذكر في المقدّمتين وهو الموقف الذي تبناه من جون شوارت ميل و ديكارت وابن تيمية حيث اعتبروا القياس تحصيل حاصل يؤدي بالفكر إلى الجمود و العقم ولا يساعد على اكتشاف معارف جديدة وهو غير صالح لكي يكون أداة صالحة للبحث إلّا إذا مدنا بنتائج يختلف معناها ومضمونها عن المعارف المتضمنة في المقدّمات .
- نقد :لكن هذا الرأي يظن أنّه يهدم القياس الأرسطي ورغم وجاهته من عدة جوانب, فانّه لا يستطيع أن يتنكر للقيمة الإبداعية للقياس وهو أول محاولة للفكر التنظيري المنظم, وأول محاولة لتأسيس خطاب علمي متجاوزا لكل الخطابات العلمية التي سبقته, ولهذا يجب أن نرفض كل ما جاء به أرسطو لكن نحاول فقط تدارك مواطن النّقص على حدّ رأي غاشون باشلار, العلم هو تاريخ أزمات الماضي وهو في تطور مستمر يعمل على تصحيح أخطائه بنفسه لكي لا يقع فيها من جديد .
- الخاتمة :ولم يبق لنا في نهاية هذا المقال إلّا القول أنّ المنطق الأرسطي هو سابقة أولى من نوعها في تاريخ الفكر البشري, ولقد ساهم مساهمة فعالة في ميدان المنطق الصوري لاسيما نظرية القياس لأنها سبق صوري محض على جانب كبير من الصّرامة والتّرابط ذات بناء عقلي منسجم ومنظّم بالرّغم من الانتقادات العديدة التي يتعرّض لها .